قاموس مصطلحات في التربية المناهضة للعنصريّة
الامتياز، أو فائض الحقّ، يعمل في المستوى الشخصيّ والبين ـ شخصيّ والثقافيّ والمؤسّسيّ، ويمنح أفضليّة وموارد لأعضاء مجموعات مُهيمنة فيما هي تُمنع عن أعضاء مجموعات غير مُهيمنة أو هامشيّة. أناس من مجموعات مُهيمنة يُؤمنون أحيانًا، أنهم كسبوا الامتياز الذي يتمتعون به، أو أنه يُمكن لكلّ واحد الحصول عليه لو عمل بجهد لأجل ذلك. عمليًّا، الامتيازات تُمنح لأناس من مجموعات مُهيْمنة أرادوا فائض الحقوق هذه أو لا، وبدون علاقة بنواياهم المُعلنة. أحيانًا كثيرة، الأشخاص من مجموعات مُهيمنة غير واعين لحقيقة أنهم ينتمون لمجموعة كهذه.
التربية المُناهضة للعنصريّة هي توجّه في التدريس والتعليم يقصد تقصّي العنصريّة والإقصاء والتمييز في المدرسة ومنعها. يقوم التوجّه على أساس الإدراك أن المباني الاجتماعيّة وآليات عنصريّة، إضافة إلى معتقدات من الماضي وميول شخصيّة، تؤثّر على كلّ بني البشر في كلّ مكان وزمان بما في ذلك المدارس. الدعوة للتربية المناهض للعنصريّة ترى في العاملات والعاملين في التربية مسؤولين عن الاعتراف بمظاهر العنصريّة ومواجهتها واستعمال التدريس ومناهج التعليم بشكل مقصود لإحداث تغيير اجتماعيّ وتحقيق مستقبل أفضل لكلّ التلاميذ والتلميذات.
في المستوى العينيّ، تدريس كهذا يتعامل مع تعدّد الهويّات الاجتماعيّة ويسعى إلى تغيير الطريقة التي تُصمّم المساواة (غيابها) الديناميكا في فضاءات التدريس والتعليم، والطريقة التي يؤثّران فيها على تجارب الأفراد في هذه الأماكن. الحيّز الذي تجري فيه عمليّة التدريس الحاضنة (inclusive) هو الصفّ. التدرّب على تربية من هذا النوع الحاضن تتطلّب من المعلّمات والمعلّمين، من المحاضرات والمحاضرين، أن يفحصوا التطبيقات التربويّة في إطار الصفّ وتشخيص المواقع التي يُمكن فيها التقليل من التمييز، وكيف يُمكن مواجهة تحدّيات انعدام المساواة المنظومتيّ بواسطة التمحور في بلورة خطّة تعليم في كل حصّة/دورة، في شكل التعليم/التوجيه وفي التفاعلات التي تحصل في الصفّ، وخلق توجّه متساوٍ وفرص متساوية لكلّ الأفراد وهويّاتهم عن طريق ذلك. في المستوى العمليّ، تتطلّب التربية ضد العنصريّة من عاملات وعاملين في التربية التفكير فيما يدرّسون وكيف يفعلون ذلك.
في المستوى العام، التربية المناهضة للعنصريّة تتمحور في ربط الصفّ العينيّ بسياقات أوسع: سياقات مبنيّة ومؤسّساتيّة وثقافيّة (منهج، مدرسة/كلّية/جامعة، جماعة محليّة، دولة، سياقات غلوباليّة). الهدف المركزيّ هو خلق تدخّلات في المنظومات التي تكرّس انعدام المساواة والإقصاء الاجتماعيّ في الفضاءات التعليميّة بواسطة تحليل العنصريّة المبنيّة، فحص مبنى القوّة والتطلّع إلى عدالة اجتماعيّة. يتمحور التعلّم في تشابك المنظومات خاصة تلك القائمة في المدارس. تدعو خطّة التعليم التلاميذ لفحص كيف تعمل السياسات والتطبيقات لغرض إعاقة الطاقات الإنسانيّة أو دفعها. المدارس التي تتمحور في التربية المناهضة للعنصريّة تفكّك منظومات تفتقد للمساواة وتُنتج منظومات جديدة.
التمييز هو تخصيص غبر متساوٍ للسلع والموارد والخدمات، وتقييد مناليّة المُشاركة الكاملة في المجتمع على أساس انتماء الفرد إلى مجموعة اجتماعيّة محدّدة; يتمّ تكريسه بواسطة القوانين، وسياسات وأعراف ثقافيّة تُتيح تعاملًا تفاضليًّا على أساس الهُويّة.
الرواية المهيمنة هي قصّة أو تأويل يعكس زاوية رؤيا ومصلحة المجموعة الاجتماعيّة المُهيمنة (المهيمنة لا تعني الأكثريّة العدديّة)، وتُقصي أو تقزّم زوايا نظر أخرى. يتمّ تذويت الروايات المُهيمنة وتكريسها من خلال التكرار: فهي حاضرة في مناهج التعليم، في الميديا وفي الثقافة الشعبيّة في أحيان كثيرة جدًّا، حدّ أنها تُعتبر على نطاق واسع موضوعيّة ولا ـ سياسيّة. بينما هي في الواقع العمليّ ليست موضوعيّة وليست لا ـ سياسيّة.
الرواية المضادّة، تتّصل بروايات تنشأ من زوايا النظر الخاصّة لمَن تمّ إقصاؤهم إلى الهوامش. فكرة "التضادّ" بحدّ ذاتها ترمز إلى المقاومة. قوّة الرواية المضادة هي في تمكين وتمثيل الجماعات بواسطة اختيار الكلمات، والطريقة التي تُروى فيها الرواية وزاوية النظر التي تُروى منها. الرواية المضادّة تمكّن من خلق الواقع وقراءته بشكل مركّب.
زاوية النظر هي التي يرى منها الفرد ويُجرّب ويفهم الأحداث. زاوية النظر تتبلور من خلال هويّات اجتماعيّة ومعتقدات وقيَم ومجالات اهتمام وتجربة سابقة لكلّ شخص. بسبب هذا، فإن مجموعة متنوّعة من الأشخاص يُمكن أن تعيش حدثًا مشابهًا أو رؤية المنظومة نفسها تعمل بشكل مغاير تمامًا. أخذ زاوية نظر هي القدرة على فهم وضع ذهنيّ من زاوية نظر شخص آخر، وهي بُعد حاسم في التطوّر الإنسانيّ الذي يُفضي إلى التعاطف والتقليل من التمييز وإلى القدرة على حلّ الصراعات.
العدل هو منظومة (أو سيرورة) تتعامل مع كلّ بني البشر كأصحاب قيمة متساوية وتضمن فُرص متساوية ومُنصفة لكل إنسان. غياب العدل هو تعامل غير مُنصف أو الحرمان من حقوق يتمتّع بها آخرون.
العِرق هو مصطلح قائم على أساس الفكرة الخاطئة القائلة بأن صِفات جسديّة مثل الشَّعر ولون البشرة وقسَمَات الوجه هامّة وتفرّق بين بني البشر المنتمين لمجموعات منفصلة مع مزايا خاصة بها. تفترض هذه الفكرة الخاطئة أن المجموعات المنفصلة هذه غير متساوية، وقد استُعملت لتبرير انعدام المساواة الاجتماعيّ والقانونيّ. برزت الفكرة في الحقبة الكولونياليّة الغربية في أمريكا لتبرير استغلال أناس سُمر البشرة وأصلانيين.
العَرْقَنة هي سيرورة تنشأ بواسطتها أفكار وتفاهمات بالنسبة للعرق، تُعزى لمجموعات من الناس، ونتيجة لذلك تحصل فجوات عرقيّة وتعامل مختلف. أن يكون كلّ الناس متأثّرين من التفاهمات والأفكار في مجتمعهم عن العرق. لأن العرق هو صناعة وبناء اجتماعي ـ بِدعة ـ والأفكار والتفاهمات هي متغيّر يتبع المكان وتتغيّر مع الوقت.
العنصريّة هي مسّ بالكرامة وبالحقوق والفُرص، على أساس انتماء لمجموعة. العنصريّة قائمة على أساس مفهوم التفوّق البيولوجيّ أو الثقافيّ المترسّخة في مؤسّسات المجتمع والدولة، في الأعراف الاجتماعيّة وفي الثقافة. تُترجم إلى أفعال ومعتقدات اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة ومؤسّساتيّة تكرّس التوزيع غير العادل للحقوق والموارد والفُرص.
في العام 1966 اعتمدت هيئة الأمم المتّحدة التعريف الواسع لمصطلح "العنصريّة"، الوارد في المعاهدة الدوليّة لاجتثاث كل أشكال العنصريّة والتمييز (وقّعت إسرائيل على المعاهدة، يوم 7 آذار 1966، وأودعت تصديقها الخطّي عليها في 3 كانون الثاني 1979):
"أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحرّيّات الأساسيّة أو التمتّع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسيّ أو الاقتصاديّ أو الاجتماعيّ أو الثقافيّ أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامّة." (بند 1 من الإعلان).
تُعرّف المعاهدة العنصريّة على هذا النحو لغرض كي تؤطّر كلّ فكرة في أساسها تفوّق أفراد أو مجموعات في المجتمع على مجموعات أخرى على أساس فوارق ثقافيّة واجتماعيّة وقوميّة وإثنيّة. تأكيد آخر تُشير إليه المعاهدة الأمميّة هو استعمال كلمة آثارها، التي تُشير إلى طبيعة الخرق ولا ترتبط بالسؤال إذا كان الفعل الحاصل قد حصل لغرض التمييز، وإنما إلى وجود التأثير المميّز وإن لم يكن عن قصد قاصد. وهذا ما يُتيح لنا تقصّي أنظمة وآليات أو سياسات مكتوبة بشكل "حياديّ"، بينما نتائجها يُمكن أن تُفضي إلى تخصيص غير متساوٍ للموارد والفُرص على أساس الانتماء لمجموعة. قسم من التأويلات تتّصل بالتشخيص بين التمييز والمباشر وغير المباشر، او بين عمليات تبدو محايدة من ناحية منطقها الداخليّ بيد أن لها تأثيرًا سلبيًّا على مجموعات محميّة.
القمع يحصل عندما تعتمد مجموعات في السلطة أعمالًا وتحدّد سياسات أو تُحدّد أعرافًا تحرم الفرص والحقوق والحريّات من مجموعات تستهدفها. المجموعة المُهيمنة تربح من القمع من ناحية اقتصاديّة واجتماعية أو سياسيّة من خلال التقليل من قيمة المجموعة المُستهدَفَة واستغلالها. ضحايا القمع هم أعضاء في مجموعات هويّة اجتماعيّة تُحرم من الحقوق أو يتمّ إقصاؤها إلى الهوامش عُرضة للعنف. وهم يتعرّضون للقمع بطرق عديدة بأيدي وكلاء القمع ومنظومات أو مؤسّسات هذا الوكيل. القمع ممكن ومكرّس بأيدي وكلاء القمع المؤيّدين له ويُنكرون وجوده.
القوّة هي القُدرة على الفعل أو خلق تأثير. يُمكن أن تكون القوّة اجتماعيّة، اقتصاديّة أو سياسيّة. في مستوى اجتماعيّ واسع، لمؤسّسات المجتمع والدولة صلاحيات وميزانيات هائلة، وعليه، لديها قوة هائلة للفعل وإحداث تأثير. من الصعب الحديث عن العنصريّة بدون فهم ماهية القوّة. العنصريّة تعمل في العادة داخل ديناميكا قوة غير متكافئة، الفاعل فيها يكون الموجود في الموقع الأقوى والمُهيمن. هناك ثلاثة أنواع للقوّة: مكشوفة وخفيّة وغير مرئيّة. من المهمّ أن نعرف كيف نستدلّ على ثلاثتها لتطوير نضال ضد العنصريّة وتغيير معادلة القوّة.
-
أشكال مكشوفة للقوّة تتّصل بشكل خاص بالمجال العام أو السياسيّ حيث تُتخذ قرارات سياسيّة. وهي تتضمّن القواعد الرسميّة والمباني والسلطات والمؤسّسات والنُظم في أساس اتّخاذ القرارات. يُمكن أن يكون الأمر بشأن حكم محليّ، مناطقيّ أو قوميّ، أو بسيرورات حكم واتخاذ قرارات في كلّ منظّمة بواسطة القوة المؤسّسيّة ـ القُدرة أو المرجعيّة الرسميّة التي تقرّر ما هو الأفضل بالنسبة للآخرين، القدرة على تحديد مَن سيحصل على الموارد والقُدرة على إعمال سيطرة على الآخرين.
-
القوّة الخفيّة أوغير المباشرة المسمّاة، أحيانًا، القوة التي تحدّد جدول الأعمال، يُقصد بها أولئك الذين يؤثّرون على قرارات أو يُحدّدون جدول الأعمال من وراء الكواليس. الممسكون بهذه القوّة هم ذوو الشأن الذين يقدّمون المشورة لذوي القوّة المكشوفة. نشهد وجود قوة خفيّة بين قياديين سياسيين وآخرين دينيين، بين شركات خاصة أو موظّفي لوبي وشخصيات مُنتخَبة، وهكذا. معنى هذا أن هؤلاء اللاعبين يستطيعون التأثير على قرارات وسياسات وقرارات سياسيّة، بدون أي تخويل ظاهر للعيان ليفعلوا ذلك. لديهم القُدرة للتأثير على فُرص الآخرين، على المناليّة للموارد والحقوق بشكل غير مباشر، دون أن يوجّهوا أوامر مباشرة ودون أن يكون لهم حقّ رسميّ للقيام بذلك. صناديق ومتبرّعون تُعملون القوة بشكل متشابه عندما يُحدّدون ما هي المسارات الأفضل لتحقيق التغيير الاجتماعيّ أو كيف ينبغي أن يبدو التغيير الاجتماعيّ. وعليه، فهي تتحكّم بشكل غير مباشر بجدول الأفضليّات التي تعمل بموجبه مؤسّسات التغيير الاجتماعيّ وفي أيّ المجالات يُمكنها أن تنشط.
-
القوّة غير المرئيّة هي بمعانٍ كثيرة الأكثر إشكاليّة من بين أنواع القوة الثلاثة، لأنّها غير مرئيّة ـ لا يُمكن معرفة كيف نبحث عنها وأين. لهذا، فهي في أحيان كثيرة شكل القوّة الذي من الأصعب تحدّيه ومواجهته. القوّة غير المرئيّة هي القوّة التي تحدّد الطريق التي يفكّر فيها الناس ويشعرون نحو أنفسهم ونحو الآخرين. هي القوّة التي تُحدث اتجاهات عنصريّة وتتأثّر بها إراداتنا واحتياجاتنا.
المال هو أداة رمزيّة للتحكّم بمستقبل حامله ومستقبل الآخرين. العالم الاجتماعيّ هو حيّز متعدّد الأبعاد، يُبنى على أساس توزيع المال على أشكاله المختلفة. يعمل الأفراد لجني الحدّ الأقصى من الربح الفعليّ والرمزيّ والثقافيّ. كمّية المال التي يتمّ جمعها تحدّد فرص الحياة لكلّ إنسان وتخلق التمايز الطبقيّ. المال لا يكون نقدًا أو اقتصاديّا دائمًا، بيد أن أشكاله الأكثر رمزيّة تعكس الفجوة الطبقيّة الماثلة في أساس توزيع المال النقديّ.
المساواتيّة هي سيرورة تغيير في التطبيقات وفي السياسات والأنظمة في مستوى المدرسة والبيئة والمنظومة عامة لغرض دعم الإنصاف والاحتضان الأكاديمي. تضمن لكلّ طفل وطفلة كلّ ما يحتاجانه للنجاح بما فيها موارد ومعلّمات ومعلّمين وتدخّلات وما إلى ذلك.
مناهج التعليم هو المضمون والمواد والفعاليّات الاستراتيجيّة المتنوّعة التي يختارها المعلّمون والمعلّمات ويستعملونها في التدريس.
منظومة (جهاز) مجموعة مترابطة لجهات منظّمة تحقّق نتيجة محدّدة. مركبّات المنظومة يُمكن أن تضمّ أناسًا ومنظّمات وسياسات وأمورًا أخرى، تعمل مع بعضها لهدف محدّد. فهم المنظومة يعني رؤية الصورة الشاملة وكيف تعمل كلّ المركّبات سويّة.
الهَيْمنة تتعامل مع السيرورات التي تحافظ فيها الثقافة المُهيمنة على مكانتها المتفوّقة. مثلًا، استعمال المؤسّسات لجعل القوة رسميّة واستعمال البيروقراطيّة لغرض إظهار القوة على أنها مجرّدة (وعليه غير مرتبطة بشخص محدّد)، إكساب مُثل المجموعة المُهيمنة لعامة السكان بواسطة التعليم ووسائل الإعلام وما إلى ذلك.
وعي نقديّ هو القُدرة على تشخيص منظومات وغياب المساواة والالتزام بالعمل ضد هذه المنظومات.